ولم يقل سيدنا إبراهيم:» إنهم أعداء «، بل جمعهم كلهم في عصبة واحدة وقال:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي} .
و {إِنَّهُمْ} - كما نعلم - جماعة، ثم يقول بعدها {عَدُوٌّ} وهو مفرد، فجمعهم سيدنا إبراهيم وكأنهم شيءٌ واحد. وكان بعضٌ من قوم إبراهيم يعبدون إلهاً منفرداً، وجماعة أخرى يعبدون الأصنام ويقولون: إنهم شركاء للإله. إذن: كانت ألوان العبادة في قوم إبراهيم عليه السلام تتمثل في نوعين اثنين.
ولما كان هناك من يعبدون الله ومعه شركاء، فقول إبراهيم قد يُفسر على أن الله داخل في العداوة؛ لذلك استثنى سيدنا إبراهيمُ وقال:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ العالمين} ، أي: أن الله سبحانه ليس عَدُوّا لإبراهيم عليه السلام، وإنما العداوة مقصورة على الأصنام.
أما إن كان قومه يعبدون آلهة دون الله، أي: لا يعبدون الله، لم يكن إبراهيم ليستثنى.
والاستثناء هنا دليل على أن بعضاً من قومه هم الذين قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى ... }[الزمر: ٣]
وهكذا تبرأ سيدنا إبراهيم عليه السلام من الشركاء فقال:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ العالمين} وهذا كلام دقيق محسوب. وأضاف:{الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء: ٧٨]
ولم يقل: «الذي خلقتني يهديني» ، بل ترك «خلقني» بدون «هو» وخَصَّ الله سبحانه وحده بالهداية حين قال: {فَهُوَ يَهْدِينِ} ؛ لأن «هو»