{فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ ... }[البقرة: ٩١]
وقوله:{مِن قَبْلُ} هنا يعني أن ذلك لن يحدث الآن، فقد اختلف الموقف. وهكذا طمأن الله رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وبذلك كُبتت هذه الفكرة إن فكروا فيها.
وأيضاً حين يأتي القرآن بشيء في نيتهم أن يفعلوه، ولم يفعلوا بعد، ويفضحهم القرآن بإعلان ما في نيتهم، ومن غبائهم فهم يفعلون الأمر المفضوح، ولو كان عندهم قليل من ذكاء لامتنعوا عن فعل ما فضحهم به القرآن.
ويتمثل ذلك في أحد المواقف التي يحلفون فيها، ولو كان فيهم رجل رشيد يملك التفكير المتوازن لقال لهم: إنكم سوف تحلفون: {إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الحسنى} فلا تحلفوا حتى يشك المسلمون في القرآن، ومن غبائهم أيضا أنهم حلفوا في أمر لهم فيه اختيار أن يفعلوه أو لا يفعلوه، مثلما قال الحق سبحانه:
{سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا ... }[البقرة: ١٤٢]
إنهم لم يكونوا قد قالوا بعد، وأنزل الحق ذلك في قرآن يتلى كل صلاة، ويعرفه كل مسلم، فيكف يقولون نفس القول بعد أن نزل به القرآن؟ لقد فعل اليهود ذلك؛ وهم بهذا الفعل قد اختاروا أن يكونوا سفهاء، ولم يخرج منهم عاقل واحد يحثهم على ألا يقولوا.