النجاسات الحسيّة، لكن النجاسات التي تخامر القلوب والعقائد والعواطف فهي التي تسبب للإنسان الشقاء.
وهنا يقول الحق:{لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الذي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} فبعد أن هدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هذا البنيان وصار موقعه موضع القذارة، بقي أمر هذا البنيان موضع شك منهم وصاروا يتوجسون أن ينزل بهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ العقاب، وظلوا في شك من ان يصيبهم رسول الله بسوء، ولن يذهب هذا الشك من قلوبهم إلا أن تقطع تلك القلوب بالموت.
إن الشك والريبة محلها القلب، والقلب هو العضو الثاني في استبقاء الحياة، أما العضو الأول في استبقاء الحياة فهو المخ، فما دامت خلايا المخ سليمة، فمن الممكن أن تعود الحياة إلى الإنسان ولكن برتابة، أما القلب فحين يتوقف فالأطباء يحاولون أن يعيدوا له الحركة، إما بشق الصدر أو تدليك القلب ليعود إليه النبض، وقد يفلحون ما دامت خلايا المخ سليمة، فالمخ في الإنسان هو سيد الجسم كله، ولذلك تجدون أن الحق قد صان المخ بأقوى الصيانات بعظام الجمجمة.
وكذلك النخاعات التي تتحكم في إدارة الجسد، نجده سبحانه قد كفل لها من العظام أعلى درجات الصيانة. وترى في الحفريات أن الجماجم هي أبقى شيء، مما يدل على أنه للحفاظ على المخ قد جعل الله له أقوى العظام، وما دام المخ سيد الجسم سليماً فمن الممكن أن تستمر الحياة، ولذلك نجد أن الجسم كله يخدم المدبر للجسم، ويحافظ على صيانته.
والإنسان إن تعرض للجوع يأكل من شحمه، وحين يفوته ميعاد تناوله للطعام، يعرض عليه الطعام يقول: ليس لي رغبة في الأكل، وهذا ليس إلاّ تعبيراً علمياً لما حدث في الجسم، فأنت أكلت بالفعل، فما دام قد مر