للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخيراً في القرآن للذين آمنوا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

أو: أن هذا الوعد خاص بأمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأنها الأمة المأمونة للدفاع عن كلمة الله بالمجهود البشري.

وبهذا يكون الوعد في التوراة والإنجيل والقرآن هو وعد لأمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فكأن التوراة قد بُشِّر فيها بهذا للمسلمين المؤمنين بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وكذلك الإنجيل قد بُشِّر فيه بهذا الوعد للأمة المسلمة. والدليل على ذلك هو قول الحق سبحانه في آخر سورة الفتح: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ... } [الفتح: ٢٩]

إذن: فالدين لا يطبع المتدين لا على الشدة ولا على الرحمة، إنما يطبعه انطباعاً يصلح لموقف الشدة فيكون شديداً، ولموقف الرحمة فيكون رحيماً. ولو أنه مطبوع على الشدة لكان شديداً طوال الوقت، ولو طُبع على الرحمة فقط لكان رحيماً كل الوقت، ولكن شاء الحق أن يطبع المؤمنين ليكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم؛ ولذلك فالدين لا يطبع الناس على ذلة ولا على عزة، إنما يجعلهم أذلة على المؤمنين، وأعزة على الكفار.

وبذلك يُطوِّع المؤمن نفسه، هو شديد ورحيم، عزيز وذليل، فهو طوع للمنهج، فحين يتطلب منه منهج الله أن يكون شديداً يشتد، وحين

<<  <  ج: ص:  >  >>