والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يحل ما حرم الله بل حرم على نفسه ما أحل الله له، وهذا ضد مصلحته، وكأن الحق يسائله: لماذا ترهق نفسك؟ . إذن: فهذا عتب لمصلحة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأيضاً حين جاء ابن مكتوم الأعمى يسأل رسول الله في أمر من أمور الدين، وكان ذلك في حضور صناديد قريش، فالتفت صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الصناديد وهم كافرون، يريد أن يلين قلوبهم، وترك ابن أم مكتوم؛ فنزل القول الحق:
{عَبَسَ وتولى أَن جَآءَهُ الأعمى}[عبس: ١ - ٢]
وابن أم مكتوم جاء ليستفسر عن أمر إيماني، ولن يجادل مثلما يجادل صناديد قريش، فلماذا يختار الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الأمر الصعب الذي يحتاج إلى جهد أكبر ليفعله؟ . إذن: العتب هنا لصالح محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وحين يقول الحق له:{عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ... }[التوبة: ٤٣]
ثم جاء ها في الآية بالمهاجرين والأنصار معطوفين على رسول الله، وذلك حتى لا يتحرج واحد من المهاجرين أو الأنصار من أن الله تاب عليه، بل التوبة تشمله وتشمل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نفسه؛ فلا تحرُّج.