وساعة تسمع «كَانَ» منفيةً فاعلم أنها جحود لهذه المسألة، أي: ما كان يصح أن ينفر المسلمون كافة، أي: جميعاً، بدون أن يبقى منهم أحد.
و {كَآفَّةً} مأخوذة من كف الشيء، وأنت تسمع خائط الثياب يقول:«أريد أن أكفّف الثوب» معنى هذا أن الخائط حين يقص القماش، فهناك بعض من الخيوط تخرج منه؛ فيكففها حتى لا يتفكك نسيج الثوب، إذن: فمعنى كلمة {كَآفَّةً} : جميعاً.
ولنا أن نتساءل: لماذا لا ينفر المسلمون إلى الجهاد جميعاً، أليس الجهاد إعلاماً بمنهج الله؟
نقول: نعم هو إعلام وسياحة بمنهج الله في الأرض، ولكن الذي يسيح للإعلام بمنهج الله لا بد أن تكون عنده حصيلة يُعْلم بها، وهذه الحصيلة كانت تأتي في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من منهج السماء حين ينزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
إذن: فلا بد من أناس يسمعون وحتى السماء ثم يعلمون به ويرسلونه لأهل الأرض جميعاً، ولو انصرف كل هؤلاء المؤمنين إلى الجهاد لما تحقق أمر حمل الدعوة للإسلام؛ لذلك قال الحق:{وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً} وفي هذا نفي أمر فيه انبغاء أي: لهم قدرة عليه، ويستطيعون تنفيذ ما يطلبه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ منهم.
ونحن نعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نشأ في أمة عربية لها فصاحة وبلاغة، أمة بيان وأداء قويّ يسحر، وكان في هذه الأمة كثيرون يتمتعون بموهبة الشعر والقول، لكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يشتهر بهذا، وحاول بعضهم أن