للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: الفاعل شيء والقابل مختلف. ووقف العلماء أمام هذه الآية موقفاً فيه اختلاف بينهم {وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً} فقال بعضهم: إن الإيمان ينقص ويزيد، وقال بعضهم: إن الإيمان لا ينقص ولا يزيد، وقامت معركة بين علماء الكلام، ولا تتسرب معركة بين عقلاء إلا إذا كانت جهة الفهم في الأمر الذي يختلفون فيه منفكة، فمنهم من يذهب فكره إلى ناحية، ومنهم من يتجه فكره إلى ناحية أخرى.

فالذين قالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فلحظة أن يتألق الإيمان في القلب؛ يستقر فيه، وهو الإيمان بالله، وأن لا إله إلا الله ولا معبود سواه، وأن محمداً رسوله المبلغ عنه؛ هذا الإيمان لا يزيد ولا ينقص. والمثال: هو قول الإمام على كرم الله وجهه: لو انكشف عني الحجاب ما ازدادت يقيناً.

أما العلماء الذين قالوا بأن الإيمان يزيد ولا ينقص، فقد قصدوا بذلك تطبيق مستلزمات الإيمان من الآيات، فكل آية تحتاج ممن يصدقها أن يكون مؤمناً بالله أولاً، ثم ينفذ متطلبات الآية.

وكل المسلمين مؤمنون بالله، ولكن في جزئيات التطبيق نجد من يطبق عشرين جزئية وآخر يطبق ثلاثين، أما أصل الإيمان الذي استقبل به الإنسان التكليف وهو التوحيد، فلا يزيد أو ينقص. وهؤلاء المنافقون عندما قالوا: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً} هل تداولوا ذلك سرّاً أم قالوه علناً؟ لا بد أنهم قالوا ذلك سرّاً وفضحهم الحق سبحانه، وكان يكفي أن يعلموا أن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>