والناس - كما نعلم - ثلاثة أقسام: قسم ينكر وجود إله للكون مطلقاً، وهم الملاحدة، وقسم ثان يقول: إن هناك الله الذي يوحده المسلمون؛ لكن له شركاء ينفعوننا عند الله. وقسم ثالث يقول بوحدانية الله.
وساعة نقول {لا إله إِلاَّ هُوَ} نكون قد أثبتنا الألوهية لله، وأثبتنا أن لا شريك له، وأثبتنا ألا إله غيره، وسبحانه يقول:
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ الله لا إله إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} وهذا أمر طبيعي، ويمكن أن نعرفه بالحساب؛ ولذلك جاء ب {حَسْبِيَ} من الحساب. واحسبها فلن تجد إلا الله. وما دام حسبك الله ولا إله إلا هو، فسبحانه يبسط عليك حمايته ونصرته لك، فمن العقل أن تضع نفسك بين يدي رسولك، الذي أبلغك البلاغ الكامل عن الله، وأن تتوكل عليه سبحانه.
وما دام سبحانه هو حسبك ولا إله إلا هو، والواجب يفرض عليك أن تظل في مَعيَّته سبحانه، ومعيّة الله مرحلتان: الأولى بأخذ الأسباب التي أمدّ بها خلقه، ومعية إيمانك المطلق بأن الأسباب إن عجزت معك، فأنت تلجأ إلى مسبِّب الأسباب الموجود وهو رب الوجود.
وترى - مثلاً - الناس وهي تحتاج إلى المياه؛ لأنها ضرورة للحياة؛ فيذهبون إلى البئر فلا يجدون الماء رغم وجود البئر؛ لأن المياه التي تأتي من جوف الأرض لم تعد تتسرب إليه، ولماذا؟ لأن المخزون من ماء المطر الذي كان يأتي من أعالي الجبال ويتسرب تحت الأرض قد نفد، ولهذا نحتاج إلى مدد من أمطار السماء؛ لتجري إلى المسارب تحت الأرض وتعود المياه إلى البئر.
وإذا جفَّت الآبار المحيطة بنا، هل نيأس؟ لا؛ لأن ربنا بيَّن لنا: ارفعوا أيديكم لربكم. إذن: فنحن إذا استنفدنا الأسباب نطلب من