يا محمد ان تبشرهم بالجنة. ذلك أن لهم سابق قدم، سعي إلى الخير، وهو قدم صدق.
لكن هل هناك ما يمكن أن نسميه «قدم كذب» ؟
نعم، وهو ما يخلعه الأفاقون على تواريخ الناس، فيصفونهم بما لم يكن فيهم، وهكذا نفرق بين قدم الصدق وقدم الكذب.
قدم الصدق - إذن - هو سابقة في الفضل أهّلتهم لأن يكونوا موضع البشارة، فهم قد صدقوا المنهج، وأعطوا من واعد حق.
والصدق - كما نعلم - هو الخصلة التي لا يمكن لمؤمن أن يتنحى عنها؛ لأنه لو تنّحى عنها، فهذا يعني التنحّي عن الإيمان. وحينما سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟
فقال: لا.
إذن: فالصدق هو جماع الخير. وعلى الصدق تدور الحركة النافعة في الكون.
وحين يصدق التاجر في ثمن الأشياء؛ ويصدق العامل في إخلاصه للعمل؛ ويصدق الصحفي في نقل الخبر، ويصدق كل فرد في المجتمع، هنا يتكامل المجتمع وينسجم؛ لأن الفساد في الكون إنما ينشأ من الكذب، والكذب هو الذي يخل بحركة الحياة.
لذلك أتى الله بكلمة الصدق في القرآن في أكثر من موضع، فهو القائل:{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ... }[يونس: ٩٣]