وهكذا حذف التفاصيل التي يسهل معرفتها، والتي وقعت بين قول مَنْ عنده علم من الكتاب، وبين تنفيذ نقل عرش بلقيس.
وكذلك حذف القرآن قدراً من الأحداث في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، فعندما بلَّغهم رسول الله الإنذار، هنا قال الكافرون:{إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ}[يونس: ٢]
وقد قال الكافرون هذا الاتهام أكثر من مرة، فمرة يقولون عن القرآن: إنه سحر، ومرة يقولون عن محمد: إنه ساحر. ولنسأل: ما معنى كلمة ساحر؟ إن الساحر هو الذي يصنع أشياء، ويوهمك أنها حقيقة؛ وهي ليست بحقيقة.
ولذلك يجب أن نفرق بين السحر وبين معجزة موسى، حتى لا يقال: إن معجزة موسى عليه السلام وهي العصا كانت من جنس ما برع فيه سحرة فرعون، صحيح أنها من جنس ما برع فيه قوم فرعون، ولكنها ليست سحراً؛ لأن الحق شاء أن يُغير من حقيقة العصا فجعلها أفعى، أما سحر قوم فرعون فهو لا يغير حقيقة الأشياء، بل يوهم مَنْ يراها بأنها تغيرت.