وضربنا من قبل المثل، وقلنا: هَبْ أن إنساناً ركب طائرة، ثم نفد وقودها وسقطت في الصحراء، وكُتبت له النجاة وتلفَّت حوله فلم يجد ماء أو طعاماً أو أي دليل من أدلة الحياة، ثم غلبه النوم، فلما استيقظ من نومه، وجد مائدة عليها من أطايب الطعام، وأطايب الشراب، أما كان يسأل نفسه قبل أن يأكل ويشرب: من الذي صنع وأحضر كل هذا الطعام، وكل هذا الشراب؟
وهذا الكون قد أعدَّ لك أيها الإنسان، أما كان يصح أن تفكر فيمن أعدَّ لك هذا الكون، وخلق لك كل ما ليس في متناول قدرتك، وسخّر كل ذلك لك؟ وقد أبلغك الحق: أنا خلقت السماء، وخلقت الأرض، والشمس، والنجوم، وحين وصلك هذا البلاغ، فإما أن يكون صدقاً، فلتنفذ ما أمر به الخالق. وإن لم يكن هذا الكلام صدقاً، فمن الذي خلق إذن؟ إن كان هناك إله غيره قد خلق الكون، وسمع مثل هذا البلاغ، ولم يتحرك لبيان صدق المسألة، لما كان هذا الآخر يستحق أن يكون إلها.
وما دام لم يظهر معارض له سبحانه، فهو الخالق؛ لأن الدعوى إذا ما صدرت من واحد، ولم يظهر لها معارض، فصاحبها هو من أصدرها إلى أن يوجد له معارض.
وقد ضربنا مثلاً؛ فقلنا: هَبْ أن جماعة من أصدقائك جاءوا