للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه جاء على يد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وتمنيتم لو أن القرآن قد جاء على يد واحد آخر تقبلونه. وأنتم في هذه المسألة غير منطقيين؛ لأنكم تريدون أن تتدخلوا في قسمة الله ورحمته في أن يُنزِل الوحي على من تشاءون، لا من يشاء هو سبحانه.

وأنتم بذلك تريدون أن تتحكموا في الرحمة العليا من الله في أن يختار رسولاً؛ ليبلغكم عنه. وتتناسون أنكم في هذه الدنيا لا تقسمون الأرزاق؛ لذلك يقول الحق: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ... } [الزخرف: ٣٢]

فإذا كنتم تريدون أن تقسموا رحمة الله، فاعلموا هذا القول من الله: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا ... } [الزخرف: ٣٢]

وهذا الأمر السهل؛ تقسيم المعيشة في الحياة الدنيا تصرف فيه الحق سبحانه، فكيف لكم - إذن - أن تطمعوا في تقسيم الأمر العلوي وهو رحمة الله العليا في أن يرسل رسولاً.

والحق سبحانه يقول في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {إِنَّ رَبَّكُمُ الله} .

وساعة تسمع كلمة «رب» ينصرف الذهن إلى الخلق وإلى التربية، ولذلك نحن نستعمل هذه الكلمة ونقول: «فلان رب هذه الأسرة» أي: أنه المتولي تربيتها، وكلمة «الرب» بمعناها المطلق تنصرف إلى الله، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>