للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: فقوله: {يُدَبِّرُ الأمر} جاء ليؤكد نَفْي التعجب من أن يكون الوحي لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ ... } [يونس: ٢]

وعلتها أن الله هو ربكم وهو الذي خلق، ولا يجادل أحدٌ الله فيما خلق، وفيمن خلق. وإذا كان هو سبحانه الذي خلق الإنسان والكون، فلا بد أن ينظم حركة الوجود بين الإنسان والكون؛ لذلك اختار الرسول المناسب؛ ليحمل منهج القيم للإنسان في «افعل كذا» و «لا تفعل كذا» . ثم ترك الحق للإنسان أموراً لا يقول له فيها: افعلها أو لا تفعلها، فهي من المباحات.

وإذا استقرأت الأفعال والأحداث، ستجد أن الذي قال الله فيه «افعل» قليل، والذي قال الله فيه «لا تفعل» قليل. وبذلك تجد المباحات أكثر من «افعل» وأكثر من «لا تفعل» .

وما دام سبحانه هو الذي شاء ذلك، وترك لك أيها الإنسانُ الكثير من الأمور المباحة، فاترك القيم لله؛ لأن الكون المادي المخلوق لله في غاية الدقة وفي غاية النظام، ولم تمتنع الشمس أن تشرق أو تعطي ضوءها وحرارتها للناس، وما امتنع القمر أن يعطي نوره، وما امتنع السحاب أن يسقط مطراً مدراراً، وما امتنعت الأرض أن تتفاعل مع أي غَرْس تغرسه فتعطيك الغذاء، وكل شيء داخل في نطاق القدرة في النواميس العليا؛ مُحكم؛ ولا خلل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>