ونجد القرآن يقول مرة:«يُرْجَعُون» ومرة يقول: «يَرْجِعون» ، فمن عمل صالحاً؛ فهو يفرح بالرجوع إلى الله، ومن عصى وكفر؛ فهو يحزن ويخاف ويتردد ويحاول ألا يرجع، لكنه يُرجَع رغم أنفه، والحق سبحانه يقول:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور: ١٣]
وقوله سبحانه هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها:{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ... }[يونس: ٤]
وسُمِّي هذا المرجع في نفس الآية:{وَعْدَ الله حَقّاً ... }[يونس: ٤]
ولقائل أن يقول: ولكن الوعد يطلق على الأمر الذي سيأتي بخير، فإن كان المرجع للطائع فهذا هو الخير، ولكن العاصي لن يرى في الرجوع خيراً، فلماذا لم يقل الله: إن المرجع للعاصي وعيد؟
وأقول: إن الحق سبحانه إنما ينبه الإنسان لما ينتظره في المستقبل، ويعظه، وترك له الاختيار، وهذا تقديم للخير، وهكذا تصبح المسألة كلها وعْداً. والصيغة التي يتقدم فيها المجرور رغم أن من حقه التأخير، فهي تعني تفرُّد المرجع، فكلنا نرجع إليه سبحانه، مثل قوله سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... }[الفاتحة: ٥]
إذن: فالطائع يفرح بجزاء الله له، وعلى العاصي أن يراجع نفسه قبل