للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة إلى مقابلها وهو الموت، ومن بعد ذلك البعث.

وقد وقف الكافرون عند هذه النقطة واستبعدوها، فأراد الله أن يبيّن لنا هذه المسألة؛ لأنها تتمة التمسك بالمنهج، وكأنه يقول لنا: إياكم أن تظنوا أنكم أخذتم الحياة، وأفلتم بها وتمتعتم، ثم ينتهي الأمر؟ لا، إن هناك بعثاً وحساباً. لذلك قال: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ الله حَقّاً} [يونس: ٤]

فإن قال قائل: كيف يكون ذلك. يأتي القول الحق: {إِنَّهُ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} فالذي قدر على أن يخلق من عدم؛ أيعجز أن يعيد من موجود؟ إنه الحق القائل:

{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [مريم: ٩]

فإذا شاء أن يعيدكم فلا تتساءلوا كيف؟ لأن ذراتكم موجودة، والحق سبحانه يقول: {أَفَعَيِينَا بالخلق الأول بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق: ١٥]

هكذا يستدل الحق سبحانه بالخلق الأول على إمكان الخلق الثاني، فإن كنتم تتعجبون من أنكم تعودون بعد أن أوجد الحق أجزاءكم وذراتكم ومواصفاتكم؛ فانظروا إلى الخلق الأول؛ فقد خلقكم من لا شيء؛ أفيعجز أن يعيدكم من شيء؟ {أَفَعَيِينَا بالخلق الأول} .

<<  <  ج: ص:  >  >>