إذن: فهناك «قِسْط» و «قَسْط» ، وهناك شيء اسمه «قَسَط» بالفتحتين وهو الانحراف في الرِّجلين. إلا أن المستعمل في كلمة «قِسْط» هنا مقصود به العدل، واسم الفاعل منها «قاسط» واستعملت في الجوْر. وهي مأخوذة من القَسْط لا من القِسْط، وتجد من أسماء الله «المُقْسِط» ، ولم يصف نفسه بالقاسط بمعنى العادل، أي: ابتدأ بالعدل أولاً، وشاء سبحانه فوصف نفسه بالمُقْسِط، لأنه هو الذي يرفع الجور فيحقق العدل.
وفي الآية التي نحن بصددها يقول الحق سبحانه:{لِيَجْزِيَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات بالقسط} أي: جزاء منه بالعدل، وأيضاً يمكن أن نقول: إنه سبحانه يجزيهم؛ لأنهم عدلوا في العقيدة؛ لأن القرآن الحكيم - كما نعلم - جاء حاكماً وفيصلاً بين قضايا العقائد وقضايا الاختيار في الأفعال