الناس حلاّق الصحة، إلى أن تخرَّج أحد أبناء القرية في كلية الطب، فأخذ حلاق الصحة يشيع عنه ما لا يليق، وفي أحد الأيام لاحظ الفلاحون خروج حلاق الصحة مبكراً وهو يحمل لِفافة كبيرة، فأرادوا أن يعرفوا ما بها، واكتشفوا أن ابن حلاق الصحة مريض وهو يريد أن يذهب به إلى الطبيب، هو - إذن - لا يخدع نفسه، رغم محاولته خداع أهل القرية بالشائعات الكاذبة عن الطبيب.
وكذلك الإنسان مع منهج الله، قد يخدع الآخرين في لحظة اليسر، لكنه لا ينسى الله لحظة العسر. وساعة يأتيه الضر، وحين تعزُّ الأسباب عليه فهو لا يجد إلا كلمة «يا رب» . وأنت تجدها من أعتى الفُجَّار، ومن أقسى العُتاة، تجد الواحد من هؤلاء وهو يدعو الله ساعة الضرّ.
وهذا ما يقوله الحق سبحانه هنا:{وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ} .
والمثل من حياة هؤلاء الكافرين الذين دعوا على أنفسهم، ولو كانوا يرغبون في إنهاء الحياة، فلماذا يدعون الله وهم قد كفروا به؟ إنه كذب مفضوح، والإنسان حين يضيق بنفسه قد يدعوا على نفسه بالضُّر؛ مثلما قال المتنبي:
كَفَى بِكَ داءً أن تَرَى الموتَ شَافياً ... وحَسْب المنايا أن يكُنَّ أمَانِيَا
أي: يكفي أن يصل الإنسان إلى الدرجة التي يتمنى فيها الموت.