وإذا اعتقد الإنسان أنه خليفة، وظل متذكراً لذلك، فهو يتذكر أن سطوة من استخلفه قادرة على أن تمنع عنه هذه الخلافة.
إذن: فخذوا الأمر بالتسليم، وساعدوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على دعوته، وآمنوا به أولاً، وإن لم يؤمنوا به فاتركوه؛ ليعلن دعوته، ولا تعاندوه، ولا تصرفوا الناس عنه؛ لأن الحق هو القائل:{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرض مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}[يونس: ١٤] .
وساعة تأتي لأمر يعلله الله بكلمة {لِيَعْلَمَ ... }[المائدة: ٩٤] .
أو {لِنَنظُرَ ... }[يونس: ١٤] .
فاعلم أن الله عالم وعليم، علم كل الأمور قبل أن توجد، وعلم الأشياء التي للناس فيها اختيار، وهو القائل:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان لِيَقُومَ الناس بالقسط وَأَنزَلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بالغيب ... }[الحديد: ٢٥] .
وقد علم الحق سبحانه أزلاً كل شيء، وإذا قال الله:{وَلِيَعْلَمَ} فليس معنى ذلك أن هناك علماً جديداً لم يكن يعلمه سوف ينشأ له، لكنه يعلم علم مشهد وإقرار منك؛ حتى لا يقول قائل: لماذا يحاسبنا الله على ما عَلمَ أزلاً؟ بل يأتي سبحانه بالاختيار الذي يحدِّد للعبد المعايير التي تتيح للمؤمن أن يدخل الجنة، وللعاصي أن يُحاسَب ويُجازَي.