ولا إلى منهجه، وقوة الحق سبحانه مطلقة، ولا يحتاج إلى شريك له، وإذا أردنا أن نتأمل ولو جزءاً بسيطاً من أثر قوة الله التي وهبها للإنسان، فلنتأمل صناعة المصباح الكهربي.
وكل منا يعلم أنه لا توجد بذرة نضعها في الأرض، فتنبت أشجاراً من المصابيح، بل استدعت صناعة مصباح الكهرباء جهد العلماء الذين درسوا علما الطاقة، واستنبطوا من المعادلات إمكان تصور صناعة المصباح الكهربي، وعملوا على تفريغ الهواء من الزجاجة التي يوضع فيها السلك الذي يضيء داخل المصباح، وهكذا وجدنا أن صناعة مصباح كهربي واحد تحتاج إلى جهد علماء وعمل مصانع، كل ذلك من أجل إنارة غرفة واحدة لفترة من الزمن. فما بالنا بالشمس التي تضيء الكون كله، وإذا كان أتفه الأشياء يتطلب كمية هائلة من العلم والبحث والإمكانات الفنية والتطبيقية، وتطوير للصناعات، فما بالنا بالشمس التي تضيء نصف الكرة الأرضية كل نصف يوم، ولا أحد يقدر على إطفائها، ولا تحتاج إلى صيانة من البشر، وإذا أردت أن تنسبها فلن تجد إلا الله سبحانه.
وأنت بما تبتكره وتصنعه لا يمكن أن يصرفك عن الله، والذكي حقاً هو من يجعل ابتكاراته وصناعاته دليلاً على صدق الله فيما أخبر.
وإذا كان الحق سبحانه قد خلق الشمس ضمن ما خلق وإذا أشرقت أطفأ الكل مصابيحهم؛ لأنها هي المصباح الذي يهدي الجميع، وإذا كان ذلك هو فعل مخلوق واحد لله، فما بالنا بكل نعمة من سائر مخلوقاته. ونور الشمس إنما يمثل الهداية الحسية التي تحمينا من أن نصطدم بالأشياء فلا تحطمنا ولا نحطمها، فكذلك يضيء لنا الحق سبحانه المعاني والحقائق.