للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسالاتم، ولتناسب مواقعهم من المرسل إليهم.

فقد كان الرسل السابقون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعلى جميع الرسل السلام قد بُعث كل منهم لأمة محدودة زماناً ومكاناً؛ ولذلك كانت الآيات التي اصطحبوها آيات حسية، وكل آية كانت من جنس ما نبغ فيه القوم المبعوث إليهم.

أما رسالة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فهي لعامة الزمان وعامة المكان. فلو جعل الله سبحانه له آية حسية لآمن بها مَنْ شاهدها، ولَصارَتْ خبراً لمن يشاهدها.

ونحن على سبيل المثال كمسلمين لم نصدِّق أن موسى عليه السلام قد ضرب البحر فانشق له البحر؛ إلا لأن القرآن قال ذلك؛ لأن كل أمر حسي يقع مرة واحدة فمن شاهده آمن به، ومن لم يره إن حُدِّث به له أن يكذِّب، وله أن يصدِّق، ولكنّا صدقنا؛ لأن القائل هو الحق سبحانه وقد أبلغنا ذلك في القرآن. وثقتنا فيمن قال هي التي جعلتنا نصدق معجزات الرسل السابقين على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

وقد يتساءل البعض عن السر في عدم إرسال معجزات حسية مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فنقول: لقد شاء الله سبحانه أن يرسل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمعجزة باقية إلى أن تقوم الساعة وهي معجزة القرآن. وتتحدث كتب السيرة أن الماء نبع من بين أصابعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فمن صدَّق صدَّق، وإن قرأت ولم تصدِّق ذلك، فاعلم أنك لست المقصود بها، فقد كان المقصود بها هم المعاصرون

<<  <  ج: ص:  >  >>