للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقائلٍ أن يقول: ولماذا لم يُرسِل الحق سبحانه لهم آية حسية معجزة كما قالوا؟

فنقول: إن الحق سبحانه قد قال: {وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون} [الإسراء: ٥٩]

وعلى ذلك يكون قولهم بطلب الآيات مدحوضاً؛ لأن الحق سبحانه قد أرسل الآيات من قبل وكذَّب بها الأولون، أو هم طلبوا آيات اقترحوها، ويقول الحق سبحانه ما جاء على ألسنتهم: {لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ} وفي هذا إقرار منهم بأن لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ربّاً، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُبلِّغ عنه، فكيف إذن يُنكرون أنه رسول؟!

ونعلم أنهم قالوا من قبل: «إن رب محمد قد قلاه» حين فتر الوحي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولكن الحق سبحانه ردّ عليهم:

{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى} [الضحى: ٣]

إذن: هم قد ناقضوا أنفسهم، ففي الوصل منعوا وأنكروا أن يكون له ربُّ، وفي الهجر سلّموا بأن له ربّاً، وهذا تناقض في الشيء الواحد، وهو لون من التناقض يؤدي إلى اضطراب الحكم، واضطراب الحكم يدل على يقظة الهوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>