والبغي: أعلى مراتب الظلم؛ لأن الحق سبحانه هو القائل:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ موسى فبغى عَلَيْهِمْ}[القصص: ٧٦] .
ويعطينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صورة البغي الممثَّلة في الاعتداء بالفساد على الأمر الصالح، فيقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أسرع الخير ثواباً: البِرّ وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة: البغي وقطيعة الرحم» .
والحق سبحانه لا يؤخر عقاب البغي وقطعية الرحم إلى الآخرة، بل يعاقب عليهما في الدنيا؛ حتى يتوازن المجتمع؛ لأنك رأيت ظالماً يحيا في رضاً ورخاء ثم يموت بخير، فكل مَنْ يراه ويعلم ظلمه ولم يجد له عقاباً في الدنيا، سوف يستشري في الظلم.
ولذلك تجد أن عقاب الله تعالى لمثل هذا الظالم في الدنيا وأن يُرِي الناس نهايته السيئة، وحين يرى الناس ذلك يتعظون؛ فلا يظلمون، وهذا ما يحقق التوازن في المجتمع.
وإلا فلو ترك الله سبحانه الأمر لجزاء الآخرة؛ لشقي المجتمع بمن لا يؤمن بالآخرة ويحترفون البغي؛ ولذلك يرى الناس عذابهم في الدنيا، ثم يكون لهم موقعهم من النار في الآخرة.
ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ محذراً:«لا تَبْغِ، ولا تَكُنْ باغياً» .
فالباغي إنما يصنع خللاً في توازن المجتمع. والذي يبغي إنما يأخذ حق الغير، ليستمتع بنتائج من غير كدِّه وعمله، ويتحوّل إلى إنسان يحترف