أي: جعل من المشركين فريقاً، وجعل من الذين عُبدُوا دون علمهم فريقاً آخر، وأعلن فريقُ مَنْ عُبِدوا دون علمهم:{مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ}[يونس: ٢٨]
أي: ما كنتم تعبدوننا بعلمنا.
وانظروا إلى الموقف المُخْزِي لمن عبدوا غير الله سبحانه، أو أشركوا به، إن الواحد منهم قد عبد معبوداً دون أن يدري به المعبود، مع أن الأصل في العبادة هو التزام العابد بأمر المعبود، وهذا المسألة تَصْدُق على الملائكة وسيدنا عيسى عليه السلام، وتصدق أيضاً على الكواكب والأحجار؛ لأن الحق سبحانه الذي يُنطق أبعاض الإنسان يوم القيامة؛ لتشهد على صاحبها، قادر على أن يُنْطِق الأحجار.
والحق سبحانه هو القائل:
{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى النار فَهُمْ يُوزَعُونَ حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}
[فصلت: ١٩٢١] .
ونجد الصنم يوم القيامة وهو يلعن مَنْ عبده، تماماً مثلما يتبرأ الجلد من صاحبه إنْ عصى الله تعالى، فالحق سبحانه يقول:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النور: ٢٤] .
ولكن لا تترك عقلك يتخيل كيفية تكلُّم الصنم، فأنت آمنت أن جوارح الإنسان من يد ورجل وجلد ستنطق يوم القيامة، فهل تعقَّلت كيف تنطق اليد، وكيف ينطق الجلد، وكيف تنطق الرِّجْل في الآخرة، أنت تؤمن بخبر الآخرة فلا تنظر إلى معطيات أمور الآخرة بقوانين الدنيا؛ لأن كل