وقد جاء الحق سبحانه بهذه القضية ليمنع أيَّ ظانٍّ من أن يسيء الظن بعفة مريم عليها السلام؛ لأنها في موقف اللجوء فأنطقها الحق بقوله:{يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران: ٣٧] .
وما دام الرزق بغير حساب وفي غير وقته وغير مكانه وبلا سبب وبغير علم كافلها، فعند ذلك تحقق اللجوء إلى الله بالقبول الحسن الذي دعت به امرأة عمران:
ويطبقها زكريا عليه السلام على نفسه، ثم تتعرض هي لها، حين يبشِّرها الحق سبحانه بغلام اسمه المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام.
فهي ستلد من غير أن يمسسها ذكر، وهي تعلم أن الأسباب جارية في أنه لا يوجد تناسل إلا بوجود ذكر وأنثى، وشاء الحق سبحانه أن يقدِّر لها أن تلد دون هذه العملية، فجاء سبحانه بتلك المقدمة على لسانها {إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران: ٣٧] .