لذلك قال سبحانه:{هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق}[يونس: ٣٥]
إذن: فالذي يهدي هو الذي خَلَق، وهؤلاء الذين أشركوا اعترفوا بالله خالقاً بشهاداتهم حين قال الحق سبحانه:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله}[الزخرف: ٨٧] .
إذن: فالذين أشركوا قد ارتكبوا الإثم العظيم، وهؤلاء الشركاء إما أن يكونوا من الملائكة، أو من الأنبياء والرسل الذين فُتن بهم بعض الناس، وهناك من اتخذ وسائط أخرى مثل: الشمس والقَمر والنجوم؛ وهذه أشياء عُلوية، وبعض الناس اتخذوا وسائط سفلية كالأشجار والأحجار، فهل أي شيء من كل ذلك يهدي إلى الحق؟ وما منهج أي منهم إذن؟ وكيف بلَّغوكم به؟
إن كل هؤلاء يعلمون أن أيّاً منهم لا يستطيع أن يَهدي، بل هو يُهْدَى من الله سبحانه وتعالى، فمن أين قلتم إن الملائكة ستهديكم؟ أو من أين جاء الذين فُتنوا برسولهم واتخذوه إلهاً؟ ومن أين جاء هذا الرسول بمنهجه؟
إن كل كائن لا يَهدي إلا بعد أن يُهدى من الله أولاً، وإن كانت الأشياء المتخذة شركاء لا هداية لها، ولا منهج، ولا عقل، ولا تفكير، كالشمس والقمر والنجوم في العلويات، والأشجار والأحجار في السفليات، فماذا قالت هذه الأشياء؟ إنها لم تقل شيئاً.
وهكذا لا يستقيم أمر اتخاذهم شركاء مع الله، حتى الملائكة، فالله هو الذي يختار منهم المَلَكَ الذي يُبلِّغ عن الله سبحانه، وكذلك الرسل عليهم السلام:{أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى}[يونس: ٣٥] .