فلا يجوز الخلط في تلك المسائل {لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ}[يونس: ٤١] .
ثم يقول الحق سبحانه على لسان رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{أَنتُمْ بريائون مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس: ٤١] .
وكلمة {برياء} تفيد أن هناك ذنباً، وهذا القول الحق فيه مجاراة للخصوم، وشاء الحق سبحانه أن يُعلِّم رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمؤمنين أدب الحوار والمناقشة، فيقول:{وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}[سبأ: ٢٤] .
أي: أننا الرسول ومعه المؤمنون وأنتم أيها الكافرون إما على هدى، أو في ضلال. والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ موقن أنه على هدى وأن الكافرين على الضلال، ولكنه يجاريهم؛ عدالة منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومجاراة لهم.
كذلك يعلِّمه ربه سبحانه أن يقول:{قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا}[سبأ: ٢٥] .
أي: أنه يبين لهم: هَبُوا أنِّي أجرمتُ فأنتم لن تُسألوا عن إجرامي، ومن أدب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شاء له الحق سبحانه أن يقول:{وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[سبأ: ٢٥] .
ولم يقل:«ولا نُسأل عما تُجرمون» . وكذلك شاء الحق سبحانه أن تأتي هنا في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها:{أَنتُمْ بريائون مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس: ٤١] .