للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسئُل واحد: إنك تقول: من رأى فلاناً الصالح يَهْده الله. فردَّ عليه السامع متسائلاً: كيف تقول ذلك؟! فردَّ القائل: لقد رأى أبو جهل خيراً من هذا، ومع ذلك ظل كافراً. فردَّ السامع: إن أبا جهل لم يَرَ محمداً رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولكنه رأى يتيم أبي طالب.

وهكذا شرح الرجل أن أبا جهل لم ينظر إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أنه رسول؛ لأنه لو نظر إليه بهذا الإدراك لتسللت إليه سكينة الإيمان وهَيبة الخشوع وجلال الورع.

ونحن قد نلقى رجلاً صالحاً في بشرته أدْمة أو سواد، وصلاحه يضيء حوله، وله أسْر من التقوى، وجاذبية الورع.

ولو أن أبا جهل رأى محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أنه رسول لتغيَّر أمره.

وها هو «» فضالة «يحكى عن لحظة أراد فيها أن يقتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما اقترب منه؛ قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ماذا كنت تحدِّث به نفسك؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله. قال: فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ثم قال: استغفِر الله، ثم وضع يده على صدر فضالة» .

وساعة سمع فضالة هذا، ورأى محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو يقول ذلك القول، قال: ما كان أبغض إليَّ من وجهه، ولكني أقبلت عليه فما كان أحَبَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>