للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: فمن الناس مَنْ يصل بطاعة الله إلى كرامة الله، ويدق على باب الحق، فينفتح له الباب، ومن الناس مَنْ يصل بكرامة الله أولاً إلى طاعة الله ثانياً.

ولله المثل الأعلى: أنت كواحد من البشر قد يدق بابك إنسانٌ يحتاج إلى لقمة أو صدقة فتعطيه، وهناك إنسان آخر تحب أنت أن تعطيه، وعندما تعطيه يطيعك من منطلق الإحسان إليه، فما بالنا بعطاء الحق لعباده؟

إذن: فمنهم مَنْ يصل بكرامة الله إلى طاعة الله، ومنهم من يصل بطاعة الله إلى كرامة الله، وحين يصل الإنسان إلى القرب من الله، ويقرب الله من العبد، هنا يكون العبد في معية الله، وتفيض عليه هذه المعية كثيراً.

وقد قال أبو العلاء المعري لمحبوبته:

أنت الحبيبُ ولكني أعوذ بِهِ ... من أن أكون حبيباً غير محبوبِ

أي: أنه يستعيذ بالله من أن يكون محباً لمن يرفض حبّه، ولكن محبة الله تختلف عن محبة البشر، وسبحانه لا يعامل محبيه كذلك، فأنت حين تحب الله يقرّبك أكثر وأكثر، ويسمَّي ذلك «المصافاة» ، فإذا أفاض الله سبحانه على بعض خَلْقه هِباتٍ من الكرامات فعلى العباد الذين اختصهم الحق سبحانه بذلك أن يُحسنوا الأدب مع الله، وألا يتبجَّح واحد منهم متفاخراً بعطاء الله سبحانه له.

فالمباهاة بالكرامات تضيعها، ويسلبها الحق سبحانه من الذي يتبجَّح بها

<<  <  ج: ص:  >  >>