للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إبريقاً أو اصُصَ زرع أو زهرية ورد، وهو بذلك إنما يحوِّل مخلوقاً إلى شي له مهمة.

والزمن كله لله سبحانه، جعل منه قسم الليل، وقسم النهار، مثلما خلق الإنسان، ووجَّه جزءاً منه؛ ليجعله سمعاً، وجزءاً آخر؛ ليجعله بصراً، وجزءاً آخر؛ ليصير مخاً، وجزءاً آخر؛ ليكون رئة، كل ذلك مأخوذ مما خلقه الحق سبحانه.

أي: أنه سبحانه جعل أشياء مما خلق أصلاً؛ لتؤدي مهمة للمخلوق.

وفي حياتنا ولله المثل الأعلى نجد من يغزل من القطن خيوطاً، وهناك من ينسج من تلك الخيوط قماشاً، وبعد ذلك نجد من يأخذ هذا القماش؛ ليجعل منه جلباباً أو بنطلوناً أو قميصاً أو لحافاً.

إذن: فالجعل هو أخذ من شيء مخلوق لمهمة. والخلق قد يترتب عليه مِلْك، والجعل أيضاً قد يترتب عليه مِلْك؛ فمن عمل قِدْراً من الطين هو مالكه، ومن جعل من الطين إبريقاً إنما يملكه.

وهكذا نجد الخَلْق والجَعْل قد يترتب عليهما ملكية ما، لكن الملكية المنسحبة بعد الخلق والجعل تجعلك تنتفع بالأشياء وقد لا تملكها؛ لذلك نجد قول الحق سحبانه:

{أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار} [يونس: ٣١] .

والحق سبحانه خلق لنا الأنعام، وذلَّلها لنا، وملَّكها لنا، وإذا قال الحق سبحانه:» مِلْك «فملكيته سبحانه لا تنتهي لأحد أبداً سواء من الخلق أو الجعل، بل يَظل مملوكاً؛ ولذلك قلنا: إن نقل الأعضاء هو تحكُّم فيما لا يملكه المخلوق، بل يملكه الخالق سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>