والتنفس يأتي من الهواء الذي يحيط بالأرض، والماء ينزل من السماء أو يُستنبط مما تسرب في باطن الأرض. والطعام يأتي من الأرض، وكل ما أصله من الأرض يُستخرج بالفلاحة.
لذلك نقول: إن الفلاَحة هي السبب الاستبقائي للحياة، فكما يُفْلِح الإنسان الأرض، ويشقها ويبذر فيها البذور، ثم يرويها، ثم تنضج وتخرج الثمرة، ويقال: أفلح، أي: أنتجت زراعته نتاجاً طيباً.
وشاء الحق سبحانه أن يمسِّي الحصيلة الإيمانية الطيبة بالفلاح.
وبيَّن لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن الدنيا مزرعة الآخرة، فإن كنت تريد ثمرة فابذل الجهد.
وإياك والظن أن الدين حينما يأخذ منك شيئاً في الدنيا أنه يُنْقِص ما عندك، لا، بل هو يُنمِّي لك ما عندك.
والمثل الذي أضربه دائماً ولله المثل الأعلى نجد الفَلاَّح حين يزرع فداناً بالقمح، فهو يأخذ من مخزنه إردباً؛ ليستخدمه كبذور في الأرض، ولو كانت امرأته حمقاء لا تعرف أصول الزراعة ستقول له:«أنت أخذت من القمح، وكيف تترك عيالك وأنت تنقصهم من قوتهم؟»
هذه المرأة لا تعلم أنه أخذ إردبَّ القمح المُخَزَّن؛ ليعود به بعد الحصاد عشرة أو خمسة عشر إردّباً من القمح.
كذلك مطلوب الله سبحانه في الدنيا قد يبدو وكأنه ينقصك أشياء، لكنه يعطيك ثمار الآخرة ويزيدها.