للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غُمَّة، ثم اقضوا إليَّ ما اتفقتم عليه من حكم ونفِّذوه ولا تؤجلوه، فهل هناك تحدًّ للخصم أكثر من ذلك؟

لقد كانوا خصوماً معاندين، ظل نوح عليه السلام يترفق إليهم ويتحنن لهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وصبر عليهم كل هذا الوقت، ولا بد إذن من حدوث فاصل قوي، ولهذا كان الترقِّي في التحدي، فدعاهم إلى جمع الأمر ومعهم الشركاء، ثم بإصدار حكمهم عليه وعدم الإبطاء في تنفيذه، كان هذا هو التحدي الذي أخذ يترقى إلى أن وصل إلى قبول تنفيذ الحكم.

والنفسية العربية على سبيل المثال حين سامحت، وصبرت، وصفحت في أمر لا علاقة له بمنهج الله، بل بأمر يخص خلافاً على الأرض، تجد الشاعر العربي يقول عن «بني ذُهْل» الذين اتعبوا قوم الشاعر كثيراً، ولكن قومه صفحوا عنهم؛ يقول الشاعر:

صَفَحْنا عن بني ذُهْلٍ ... وقلنا: القومُ إخوانُ

عسى الأيامُ أنْ يرجع ... نَ قوماً كالذي كانوا

فلما صَرَّحَ الشرُّ ... فأمْسَى وهو عريانُ

ولم يبقَ سوى العدوا ... ن دِنَّاهم كما دانوا

مَشَيْنا مِشْيةَ الليثِ ... غَدَا والليثُ غضبانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>