يشتري العبيد ويعتقهم، أو يسهم في فك رقابهم فذلك لون من ألوان تصفية الرق، وفي تصفية الرق هناك شيء اسمه التدبير، وشيء اسمه المكاتبة.
هب أن عبداً يخدمك وبعد ذلك ترى أنه أخلص في خدمتك، فثمناً لإخلاصه في خدمتك مدة طويلة قررت أن تُدَبّره بعد موتك، أي تعطيه حريته فيصبح حراً بعد موتك، فكأنك علقت عبوديته على مدى حياتك، وبعد انتهاء حياتك يصبح مدبراً أي حراً، ولا يدخل في تركتك، ولا يُوَرث.
وقد تكاتبه على مال فتقول له: يا عبد أنا أكاتبك على مائة جنيه، وأطلق حركتك لتتصرف أنت وتضرب في الحياة وتكسب وتأتي لي بالمائة جنيه، ثم أطلق سراحك، وفي هذه الحالة فإن على أهل البر أن يعاونوا هذا المكاتب ليؤدي مال الكتابة حتى يفك رقبته من الأسر.
ومن البر أيضا إقامة الصلاة، كأن المعنى:«ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة» ونعرف أن معنى إقامة الصلاة هي أداء الصلاة في أوقاتها على الوجه المطلوب شرعاً.
ومن البر أن نؤتي الزكاة، فكأن كل ما سبق {وَآتَى المال على حُبِّهِ ذَوِي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسآئلين وَفِي الرقاب} لا علاقة لها بالزكاة، إن كل ذلك هو بّر آخر غير المطلوب للزكاة، لأن الزكاة لو كانت تدخل فيما سبق لما كان الله كرَّرها في الآية.
هذه أوجه البر التي ذكرتها الآية من إيتاء ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وكل ذلك لمن أراد أن يدخل في مقام الإحسان، فمقام الإحسان كما نعرف هو أن تلزم نفسك بشيء لم يفرضه الله عليك، إنما تحس أنت بفرح الله بك ورضاه عنك فيقبله الله منك.