للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله عليه السلام بعد ذلك:

{واشدد على قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم} [يونس: ٨٨] .

أي: أحْكمْ يا رب الأربطة على تلك القلوب؛ فلا يخرج ما فيها من كفر، ولا يَدخل ما هو خارجها من الإيمان؛ لأن هؤلاء قد افتروا افتراءً عظيماً، وأن تظل الأربطة على قلوبهم؛ حتى يروا العذاب الأليم.

ولماذا دعا موسى عليه السلام على آل فرعون هذا الدعاء، ولم يَدْعُ مثلما دعا سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «اللهم اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون»

والإجابة: لا بد أن الحق سبحانه وتعالى قد أطلعه على أن هؤلاء قوم لن تفلح فيهم دعوة الإيمان.

وكان خوف موسى عليه السلام لا من ضلال قوم فرعون، ولكن من استمرار إضلالهم لغيرهم.

إذن: فقد دعا عليهم موسى عليه السلام بما جاء في هذه الآية:

{رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ واشدد على قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم} [يونس: ٨٨] .

وفي موضع آخر من القرآن الكريم يقول الحق سبحانه:

{فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} [غافر: ٨٥] .

وهكذا يتبين لنا الفارق بين إيمان الإلجاء والقصر وبين إيمان الاختيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>