للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وباللهِ، لو لم يأمر الحق البحر بأن يلفظ جثمان فرعون، أما كان من الجائز أن يقولوا: إنه إله، وإنه سيرجع مرة أخرى؟

ولكن الحق سبحانه قد شاء أن يلفظ البحر جثمانه كما يلفظ جيفة أي حيوان غارق؛ حتى لا يكون هناك شك في أن هذا الفرعون قد غرق، وحتى ينظر من بقي من قومه إلى حقيقته، فيعرفوا أنه مجرد بشر، ويصبح عبرة للجميع، بعد أن كان جباراً مسرفاً طاغية يقول لهم:

{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} [القصص: ٣٨] .

وبعض من باحثي التاريخ يقول: إن فرعون المقصود هو «تحتمس» ، وإنهم حلَّلوا بعضاً من حثمانه، فوجدوا به آثار مياه مالحة.

ونحن نقول: إن فرعون ليس اسماً لشخص، بل هو توصيف لوظيفة، ولعل أجساد الفراعين المحنطه تقول لنا: إن علة حفظ الأبدان هي عبرة؛ وليتعظ كل إنسان ويرى كيف انهارت الحضارات، وكيف بقيت تلك الأبدان آية نعتبر بها.

وقد تعرض القرآن لمسألة الفرعون، فقال الحق سبحانه:

{وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد} [الفجر: ١٠] .

ويقول سبحانه في نفس السورة عن كل جبار مفسد:

{إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} [الفجر: ١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>