وهم لم يختلفوا من قبل وكانوا متفقين، وتوعَّدوا المشركين من قريش. وما إن أهلَّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ به «الأوس» و «الخزرج» أنه رسول من الله تعالى قد ظهر بمكة، فقالت الأوس والخزرج: إنه النبي الذي توعَّدتنا به يهود، فهيا بنا لنذهب ونسبقهم إليه قبل أن يسبقونا، فيقتلونا به.
فكأن اليهود هم الذين تسببوا في هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى المدينة؛ لأن الأوس والخزرج سبقوهم إليه؛ وهذا لنعلم كيف ينصر الله تعالى دينه بأعدائه.
ولذلك نجد أنهم في اختلافهم «يأتي عبد الله بن سلام إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: إن اليهود قوم بُهْتٌ، وإذا أنا آمنت بك يا رسول الله سيقولون فيَّ ما يسيء إليَّ؛ لذلك فقبل أن أعلن إسلامي اسألهم عنِّي.
وكان ابن سلام في ذلك يسلك سلوكاً يتناسب مع كونه يهودياً، ولما اجتمع معشر اليهود، سألهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال: ما تقولون في ابن سلام؟
قالوا: حَبْرُنا وشيخنا وهو الورع فينا، وبعد أن أثنوا عليه ثناء عظيماً، قال ابن سلام: يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
وهنا بدأ اليهود يكيلون له السِّباب، فقال ابن سلام: ألم أقُلْ لك يا