«وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد ذهب إلى الطائف ليطلب من أهلها النصرة بعد أن آذاه قومه في مكة فلم يجد النصير، وجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قريباً من حائط بستان.
فلما رآه صاحبا البستان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وما لقي من السفهاء؛ تحركت له رحمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً، يقال له عَدَّاس، فقالا له: خُذْ قِطْفاً من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل، فقل له يأكل منه، ففعل عَدَّاس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم قال له: كُلْ، فلما وضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيه يده، قال: باسم الله، ثم أكل، فنظر عداس في وجهه، ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» ومنْ أهل أيِّ البلاد أنت يا عدَّاس، وما دينك؟ «. قال: نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى «؛ فقال له عداس: وما يدريك ما يونس بن متَّى؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» ذاك أخي كان نبياً وأنا نبي «، فأكبَّ عداس على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُقبِّل رأسه ويديه وقدميه.
ولما سأل صاحبا البستان عدَّاساً عن صنيعه هذا. قال لهما: لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي» .