وأنت مثلاً حين تقطع البطيخة، وتجد لُبَّها أبيض اللون فأنت لا تأكلها، وتحرص على أن تأكل البطيخة ذات البذر الذي صار أسود اللون؛ لأنه دليل نُضْج البطيخة، وأنت حين تأخذ هذا اللبَّ وتزرعه ينتح لك بطيخاً.
إذن: فاكتمال الإنسان بالبلوغ يتيج لعقله أن يَزِنَ السلوك قبل الإقدام عليه، والتكليف إنما يكون للعاقل البالغ غير المكرة بقوةٍ تقهره على أن يفعل ما لا يعقله.
أما قبل البلوغ فالتكليف ليس من الله، بل من الأسرة، لتدربه على الطاعة.
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول لنا:«مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجع» .
وهنا نجد أن الذي يأمر هو الأب وليس الله، والذي يعاقب هو الأب، وليس الله، وما إن يصل الابن إلى مرحلة البلوغ يبدأ تكليفه من الله.
أما إذا جاء مَنْ يُكْرِهه على أن يرتكب معصية بقوة تفوق قوته كأن يمسك (مسدساً) ويقول له: إن لم تشرب الخمر أطلقتُ عليك النار، فهنا يرفع عنه التكليف.
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول في الحديث الشريف:«إن الله تجاوز عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما اسْتُكرِهوا عليه» .