لأن حصيلة هدايته لا تعود على مَنْ خلقه وهداه، بل تعود عليه هو نفسه انسجاماً مع الكون، وإصلاحاً لذات النفس، وراحة بال، واطمئناناً، وانتباهاً لتعمير الكون بما لا يفسد فيه، وهذا الحال عكس ما يعيشه مَنْ ضل عن الهداية.
وكلمة {ضَلَّ} تدل على أن الإنسان الذي يضل كانت به بداية هداية، لكنه ضَلَّ عنها.
ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله:{وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}[يونس: ١٠٨] .
وأنت لا توكِّل إنساناً إلا لأن وقتك لا يسع، وكذلك قدرتك وعلمك وحركتك، وهنا يُبلغ الرسول القوم: أنا لا أقدر أن أدفع عنكم الضلال، أو أجبركم على الهداية؛ لأني لست وكيلاً عليكم، بل عليَّ فقط مهمة البلاغ عن الله سبحانه وتعالى، وهذا البلاغ إن استمعتم إليه بخلاء القلب من غيره، تهتدوا.
وإذا اهتديتم؛ فالخير لكم؛ لأن الجزاء سيكون خلوداً في نعيم تأخذونه مقابل تطبيق المنهج الذي ضيَّق على شهوات النفس، ولكنه يهدي حياة نعيم لا يفوته الإنسان، ولا تفوت النعم فيه الإنسان.