ومجيء الأمر بالصبر دليل على أن هناك عقبات كثيرة، وعليك أن تصبر وتعطي النموذج لغيرك، والثقة في أنه لو لم يكن هناك خير في اتباع المنهج لما صبرت عليه؛ حتى يأتي حكم الله {واصبر حتى يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين}[يونس: ١٠٩] .
وليس هناك أعدل ولا أحكم من الله سبحانه وتعالى.
وهذه السورة التي تُخْتَم بهذه الآية الكريمة، تعرضت لقضية الإيمان بالله، قمة في عقيدة لإله واحد يجب أن نأخذ البلاغ منه سبحانه؛ لأنه الرب الذي خلق من عَدَم، وأمدَّ من عُدْم، ولم يكلِّفنا إلا بعد مرور سنوات الطفولة وإلى البلوغ؛ حتى يتأكد أن المكلَّف يستحق أن يُكلَّف بعد أن انتفع بخيرات الوجود كله، وتثبَّت من صدق الربوبية.
ومعنى الربوبية هو التربية، وأن يتولى المربِّي المربَّى إلى أن يبلغ حَدَّ الكمال المرجوّ منه.
وقد صدقتْ هذه القضية في الكون.
إذن: نستمع إلى الرب سبحانه وتعالى الذي خلق، حين يُبِّين لنا مهمتنا في الحياة بمنهج تستقيم به حركة الحياة، ويستقيم أمر الإنسان مع الغاية التي يعرفها قبل أن يخطو أي خطوة.
ومن المحال أن يخلق الله سبحانه وتعالى المخلوق ثم يُضيِّعه، بل لا بد أن يضع له قانون صيانة نفسه؛ لأن كل صنعة إنما يضع قانونها