وحين اتهموا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهتاناً بأنه افترى القرآن جاء الرد من القرآن الكريم بمنتهى البساطة، فأنتم معشر العرب أهل فصاحة وبلاغة، وقد جاء القرآن الكريم من جنس ونوع نُبوغكم، وما دمتم قد قُلْتم: إن محمداً قد افترى القرآن، وأن آيات القرآن ليست من عند الله، فلماذا لا تفترون مثله؟
وما دام الافتراء أمراً سهلاً بالنسبة لكم، فلماذا لا تأتون بمثل القرآن ولو بعشْر سور منه؟ وأنتم قد عِشْتم مع محمد منذ صِغَره، ولم يكن له شعْر، ولا نثر، ولا خطابة، ولا علاقة له برياضاتكم اللغوية، ولم يزاول الشعر أو الخطابة، ولم يشترك في أسواق البلاغة والشعر التي كانت تُعقد في الجاهلية مثل سوق عكاظ.
وإذا كان مَنْ لا رياضة له على الكلام ولا على البلاغة، قد جاء بهذا القرآن؛ فَلْيكُنْ لديكم وأنتم أهل قُدْرة ودُرْبة ورياضة على البلاغة أن تأتوا ببعض من مثله، وإن كان قد افترى القرآن فلماذا لا تفترون مثله؟
وأنتم تعرفون المعارضات التي تُقام في أسواق البلاغة عندكم، حين يقول شاعر قصيدة، فيدخل معه شاعر أخر في مباراة ليلقي قصيدة أفضل من قصيدة الشاعر الأول، ثم تُعقد لجان تحكيم تُبَيِّن مظاهر الحُسْن ومظاهر السوء في أي قصيدة.
ولو كان محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد افترى القرآن كما تقولون فأين أنتم؟ ألم تعرفوه منذ طفولته؟ ولذلك يأمر الحق سبحانه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يقول: