وهو هنا يقول: إن الطيب إذا ما أصاب ذلك الإنسان الموصوف، فالطيب هو الذي يتطيَّب، كما أن الماء هو الذي يُغْسَل إذا ما لمس هذا الإنسان، وكذلك تأبى المرأة الجميلة أن تُزيِّن نَحْرَها بقلادة؛ لأن نحرها بدون قلادة يكون أكثر جمالاً.
ويقال عن مثل هذه المرأة «غانية» ؛ لأنها استغنتْ بجمالها.
ويقال عن جمال نساء الحضر: إنه جمال مصنوع بمساحيق، وكأن تلك المساحيق مثبتة على الوجه بمعجون كمعجون دهانات الحوائط، وكأن كل واحدة تفعل ذلك قد جاءت بسكين من سكاكين المعجون لتملأ الشقوق المجعدة في وجهها.
ولحظة أن يسيح هذا المعجون ترتبك، ويختل مشهد وجهها بخليط الألوان؛ ولذلك يقال:
حُسْنُ الحضَارةِ مُجْلُوبٌ بِتَطْريةٍ ... وفي البدَاوةِ حُسْنٌ غيرُ مَجْلوبِ
إذن: فالزينة هي تحسين الشيء بغيره، والشيء الحسن يستعني عن الزينة.
وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى:
{مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ}[هود: ١٥] .
أي: إن كفرتم بالله فهو سبحانه لا يضن عليكم في أن يعطيكم مقومات