للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنيان ملتقيان لأن انتفاء البُدِّية يدل على أنها ثابتة.

وكان يجب على العلماء أن يبحثوا في مادة الكلمة، ومادة الكلمة هي «الجرم» ، والجرم: هو القطع، ويقال: جرم يده، أي: قطع يده.

وقول الحق سبحانه هنا:

{لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون} [هود: ٢٢] .

أي: لا قَطْع لقول الله فيهم بأن لهم النار، ولا شيء يحول دون ذلك أبداً، ولا بد أن ينالوا هذا الوعيد؛ وهكذا التقى المعنى ب «لا بد» .

إذن: فساعة تسمع كلمة «لا جرم» ، أي: ثبت، أو لا بد من حدوث الوعيد.

وأيضاً تجد كلمة «الجريمة» مأخوذة من «الجرم» ، وهي قطع ناموس مستقيم، فحين نقرر ألا يسرق أحد من أحد شيئاً، فهذا ناموس مستقيم، فإن سرق واحد من آخر، فهو قد قطع الأمن والسلام للناس، وأيُّ جريمة هي قَطْع للمألوف الذي يحيا عليه الناس.

وأيضاً يقال: جرم الشيء أي: اكتسب شرَّه، ومنه الجريمة، ولذلك يقال: من الناس من هو «جارم» وهي اسم فاعل من الفعل: «جرم» ، مثل كلمة «كاتب» من الفعل «كتب» و «مجروم عليه» وهي اسم مفعول، مثلها مثل «مكتوب» .

فإن أخذت الجريمة من قطع الأمر السائد في النظام، فهؤلاء الذين افتروا على الله وظلموا وصدوا عن سبيل الله، فلا جريمة في أن يعذبهم الله بالنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>