وقد أوحى الحق سبحانه لداود عليه السلام أن يصنع تلك الدروع بطريقة عجيبة، بأن يجعلها سابغات.
والسابغة هي المسرودة، مثل الحصير، حيث يُوضع العُود بجانب العود، ويربط الأعواد كلها بطريقة تسهل من فَرْد الحصير أو لَفِّه.
وفي نفس الآية يبيِّن لنا الحق سبحانه كيفية الوحي لداود عليه السلام بتلك الصناعة الدقيقة، فيقول سبحانه:
{وَقَدِّرْ فِي السرد}[سبأ: ١١] .
أي: أنك يا داود حين تنسج الحديد الليِّن بإذن الله تعالى لتجعله دروعاً عليك أن تصنع تلك الدروع بتقدير دقيق كي لا تكون الدِّرع ضيِّقة على صدر المقاتل فتضيق حركته، وتقلِّل من قدرته على التنفس، فيلهث بسرعة، ولا يستطيع مواصلة القتال.
وكذلك يجب ألاَّ تكون الدِّرع واسعة على صدر المقاتل؛ حتى لا تساعد سعة الدِّرع سيف الخصم، فيضرب الدِّرع نفسه صدر المقاتل، وتكون قوة الدِّرع مضافة إلى قوة سيف الخصم، ولكن حين تكون الدِّرع قادرة على الإحاطة بالجسم دون أن يُكبِّل الحركة، فهذه الدِّرع المناسبة للقتال.