وكل {يَسْأَلُونَكَ} يأتي في جوابها {قُلْ} إلا آية واحدة جاءت فيها «فقل» بالفاء، وهي قول الحق:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}[طه: ١٠٥]
انظر إلى الدقة الأدائية: الأولى «قل» ، وهذه «فقل» ، فكأن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} يؤكد أن السؤال قد وقع بالفعل، ولكن قوله:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال} ، فالسؤال هذا ستتعرض له، فكأن الله أجاب عن أسئلة وقعت بالفعل فقال:«قل» ، والسؤال الذي سيأتي من بعد ذلك جاء وجاءت إجابته ب «فقل» أي أعطاه جواباً مسبقاً، إذن ففيه فرق بين جواب عن سؤال حدث، وبين جواب عن سؤال سوف يحدث، ليدلك على أن أحداً لن يفاجئ الله بسؤال، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} .
لكن نحن الآن أمام آية جاء فيها سؤال وكانت الإجابة مباشرة:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} . فلم يقل: فقل: إني قريب؛ لأن قوله:«قل» هو عملية تطيل القرب، ويريد الله أن يجعل القرب في الجواب عن السؤال بدون وساطة {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} . لقد جعل الله الجواب منه لعباده مباشرة، وإن كان الذي سيبلغ الجواب هو رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وهذه لها قصة: لقد سألوا رسول الله: أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟
لأن عادة البعيد أن يُنادى، أما القريب فيناجى، ولكي يبين لهم القرب، حذف كلمة «قل» ، فجاء قول الحق:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} وما فائدة ذلك