للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا فُوِّضَتْ أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تفويضين: فُوِّضَتْ في نقل رسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الأجيال، وكل جيل ينقلها إلى الجيل الذي يليه.

وها هو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «نَضَّر الله امرأ سمع مقاتلي فوعاها وأداها إلى من لم يسمعها، فرُبَّ مُبلغٍ أوعى من سامع» .

وفُوِّضَتْ أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أن تقف من الكافرين موقف تأديب، لا لتفرض الدين ولكن لتحمي حق اختيار الدين، فلم يحدث أن رُفع سيفٌ في الإسلام ليفرض ديناً؛ بل رفع السيف ليحمي حرية اختيار الإنسان للدين.

يقول سبحانه:

{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] .

فإذا آمن فعليه الالتزام بالإيمان، فلا يكسر حكماً من أحكام الإيمان، وهذا تصعيب للدخول في الإسلام، فمن أين يأتي ادعاء فرض الدين على المخالفين؟!

إذن: فقد آمن المؤمن من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إيمانين: الإيمان الأول هو أن يؤمن بالإسلام، والإيمان الثاني أن يبلغ الدعوة.

ولذلك قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» .

فهل المقصود بالعلماء هم من يعلمون العلم فقط؛ لا، بل يقصد كل من يعرف قضية من قضايا الإيمان معرفة سليمة وصحيحة وينساح

<<  <  ج: ص:  >  >>