{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إلافهم رِحْلَةَ الشتآء والصيف فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}[قريش: ١٤] .
إذن: كان من الواجب حين يمرون على هذه الديار أن يأخذوا منها عبرة، وأنهم وإن كانوا يمرون على هذه الديار بقصد التجارة وهي سر معاشهم إذا لم يأخذوا من هؤلاء العبرة فهم يقترفون ظلماً جديداً آخر.
لذلك يقول الحق سبحانه:
{وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ}[هود: ٨٣] .
أو: أن الله سبحانه وتعالى أراد أن ينبه قريشاً إلى أن الهلاك الذي نزل بهؤلاء القوم المشركين، ليس ببعيد أن يصيب قريشاً، وأن يرسل الله سبحانه على كل واحد من الكافرين به حجراً مسوَّماً يصيبه في مكانه الذي يكون فيه.
والسطحيَّون في اللغة يخطئون فيأخذون على القرآن مآخذ، لا تلتفت إليها الملكة الصحيحة في اللغة، ويقولون: كيف يقول الله:
{وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ}[هود: ٨٣] .
وكلمة «ما هي» مؤنثة، وتقتضي أن يقول:«بعيدة» بدلاً من كلمة «بعيد» ، أي: أن يكون القول: «وما هي من الظالمين ببعيدة» ونسوا أن المتكلم هو الله تعالى، وأنهم لم يدرسوا اللغة دراسة صحيحة؛ لأن «فعيل» إن جاءت بمعنى «مفعول» ، فهنا يستوي المذكر والمؤنث.