لجبريل: أما إليك فلا، صحيح أن له حاجة إنما ليست لجبريل، لأنه يعلم جيداً أن نجاته من النار المطبوعة على أن تحرق وقد ألقي فيها، هي عملية ليست لخلق أن يتحكم فيها ولكنها قدرة لا يملكها إلا من خلق النار. فقال لجبريل: أما إليك فلا، وعلمه بحالي يغني عن سؤالي. لذلك جاء الأمر من الحق:{قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء: ٦٩]
ولنتعلم من الإمام علي كرم الله وجهه حين دخل عليه إنسان يعوده وهو مريض فوجده يتأوه، فقال له: أتتأوه وأنت أبو الحسن. قال: أنا لا أشجع على الله.
إذن فقوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} تعني ضرورة الاستجابة للمنهج، {وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} أي أن يؤمنوا به سبحانه إلها حكيما. وليس كل من يسأل يستجاب له بسؤاله نفسه؛ لأن الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيراً يناسب الداعي لا بمقاييسه هو ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة.
ويذيل الحق الآية بقول:{لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} فما معنى {يَرْشُدُونَ} ؟ إنه يعني الوصول إلى طريق الخير وإلي طريق الصواب. وهذه الآية جاءت بعد آية {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ} كي تبين لنا أن الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلاً للدعاء، وقد لا يكون حظك من هذا الدعاء الإجابة، وإنما يكون حظك فيه العبادة، ولكي يبين لنا الحق بعض التكليفات الإلهية للبشر فهو يأتي بهذه الآية التي يبين بها ما يحل لنا في رمضان.