ونجد واحداً من العارفين بالله قد استأجر مطيَّة من خان ليذهب بها من مكان إلى مكان آخر، فلما ركب المطية وقع منه السوط الذي يحركها به، فأوقف الدابة مكانها وعاد ماشياً على قدميه إلى موقع سقوط السوط ليأخذه، ثم رجع ماشياً إلى مكان الدابة ليركبها، فقال له واحد من الناس: لماذا لم ترجع بالدابة إلى موقع السوط لتأخذه وتعود؛ فأجاب العارف بالله: لقد استأجرتها لأصِلَ بها إلى مكان في اتجاه معين، ولم يتضمن اتفاقي مع صاحبها أن أبحث بها عن السوط.
ونجد عارفاً آخر جلس يكتب كتاباً، وكان الناس في ذلك الزمان يجففون الحبر الزائد بوضع قليل من الرمال فوق الصفحات المكتوبة، ولم يجد العارف بالله ما يجفف به المكتوب، فأخذ حفنة من تراب بجانب جدار، ثم ذهب إلى صاحب الجدار وقال له: أنا أخذت تراباً من جانب جدارك فقوِّمه فقال صاحب الجدار: والله لِورَعِك لا أقوِّم، أي: أنه قد تسامح في هذا الأمر.
ويُنهي الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله:
{وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ}[هود: ٨٥] .