وما دمتم ستستغفرونه عن الذنوب الماضية؛ وتتوبون إليه؛ بألا تعودوا إلى ارتكابها مرة أخرى؛ فالحق سبحانه لا يرد مَنْ قصد بابه:{إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}[هود: ٩٠] لأن مغفرته تستر العذاب، ورحمته تمنع العذاب.
وجاء الحق سبحانه هنا بأوسع المعاني: المغفرة، والرحمة، ومعهما صفته «الودود» ؛ وهي من الود؛ والود هو الحب؛ والحب يقتضي العطف على قدر حاجة المعطوف عليه.
ولله المثل الأعلى: نرى الأم ولها ولدان: أولهما قادر ثري يأتي لها بما تريد؛ وثانيهما ضعيف فقير؛ فنجد قلب الأم دائماً مع هذا الضعيف الفقير؛ وتحنِّن قلب القويِّ القادر على الفقير الضعيف.
ونجد المرأة العربية القديمة تجيب على من سألها: أي أبنائك أحب إليك؟ فتقول: الصغير حتى يكبر؛ والغائب حتى يعود؛ والمريض حتى يشفى.
إذن: فالحب يقتضي العطف على قدر الحاجة.
ويقول الحق سبحانه في الحديث القدسي:
«يا بن آدم؛ لا تَخَافنَّ من ذي سلطان؛ ما دام سلطاني باقياً؛ وسلطاني لا ينفد أبداً. يا بن آدم لا تَخْشَ من ضيق رزق؛ وخزائني ملآنة، وخزائني