للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك نجد دعاء إبراهيم عليه السلام حين نزل بأهله في وادٍ غير ذي زرع، وقال:

{رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} [البقرة: ١٢٦] .

وهنا انتبه إبراهيم عليه السلام وأضاف:

{مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [البقرة: ١٢٦] .

فجاء الرد من الحق سبحانه موضحاً خطأ القياس؛ لأن الرزق عطاء ربوبية يستوي فيه المؤمن والكافر، والطائع والعاصي؛ فلا تخلط بين عطاء الربوبية وعطاء الألوهية؛ لأن عطاء الألوهية تكليف، وعطاء الربوبية رزق، لذلك قال الحق سبحانه:

{وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار وَبِئْسَ المصير}

[البقرة: ١٢٦] .

فأنت يا إبراهيم دعوتَ برزق الأهل بالثمرات لمن آمن، لأن بؤرة شعورك تعي الدرس، لكن هناك فرقاً بين عطاء الألوهية في التكليف، وعطاء الربوبية في الرزق، فمن كفر سيرزقه ربه، ويمتعه قليلاً ثم يكون له حساب آخر.

إذن: فأخْذُ الحق سبحانه للظالمين بكفرهم هو عنف التناول لمخالفٍ، وتختلف قوة الأخذ بقوة الأخذ، فإذا كان الآخذ هو الله سبحانه، فهو أخْذ عزيز مقتدر.

وهو أخذ لمن ظلموا أنفسهم بقمة الظلم وهو الكفر، وإن كان الظلم لحقوق الآخرين فهو فسق، وأيضاً ظلم النفس فسق؛ لأن الحق سبحانه حين يُحرِّم عليك أن تظلم غيرك فهو قد حرَّم عليك أيضاً ظلم نفسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>